يعتبر انتهاك الحق في الحياة من أقدس الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية. فقد جاء في المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: “لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه”. كما تنص المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن: “الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا”. ومع ذلك تتزايد التقارير الحقوقية التي توثق انتهاك الحق في الحياة في مصر سواء من خلال الإعدام خارج نطاق القانون أو الاستخدام المفرط للقوة أو ظروف الاحتجاز القاسية التي ترقى إلى القتل البطيء.
مصر طرف في عدة اتفاقيات دولية تلزمها بحماية الحق في الحياة أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما ينص الدستور المصري في المادة (59) على أن: “الحياة الآمنة حق لكل إنسان” وفي المادة (60) على “حرمة الجسد”. لكن التحدي الأساسي يكمن في ضعف الالتزام بتطبيق هذه القوانين واستمرار ممارسات أمنية تنتهك هذا الحق.
في السنوات الأخيرة وثقت منظمات حقوقية محلية ودولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية حوادث متكررة لـ الإعدامات خارج نطاق القانون خاصة في سياق العمليات الأمنية ضد الإرهاب في شمال سيناء ومناطق أخرى. غالبا ما تعلن وزارة الداخلية عن تصفية “عناصر إرهابية” دون تفاصيل أو محاكمات عادلة ما يثير تساؤلات عن مدى توافق هذه العمليات مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.
لمزيد من المعلومات عن عقوبة الإعدام في مصر
كما وثقت حالات عديدة من الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين والمحتجزين وأبرزها مجزرة رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 التي أودت بحياة أكثر من 800 شخص في يوم واحد.
تمتد انتهاكات الحق في الحياة إلى ظروف الاحتجاز السيئة حيث يحتجز آلاف الأشخاص في ظروف غير إنسانية تفتقر إلى الرعاية الصحية والتهوية المناسبة والغذاء الكافي.
وقد وثقت منظمات حقوقية مثل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم حالات وفاة متكررة داخل السجون بسبب الإهمال الطبي وهو ما يعد شكلا من أشكال القتل غير المباشر.
من أشهر هذه الحالات وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي في 17 يونيو 2019 بعد سنوات من الحبس الانفرادي والإهمال الطبي بالإضافة إلى وفاة عدد من النشطاء والمعارضين السياسيين في ظروف مشابهة.
رغم التوثيق المستمر للانتهاكات نادرا ما تتم محاسبة المسؤولين عنها. إذ تفتقر التحقيقات إلى الشفافية والاستقلالية وغالبا ما تُغلق الملفات بزعم حماية الأمن القومي مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب في مصر.
يشكل انتهاك الحق في الحياة خطرا على استقرار المجتمع والدولة حيث يعزز مناخ الخوف ويقوض الثقة في مؤسسات العدالة كما يزيد من احتمالات التطرف نتيجة غياب المساءلة. بالإضافة إلى ذلك يؤثر هذا الوضع سلبًا على صورة مصر دوليا وعلاقاتها السياسية والاقتصادية مع شركائها.
احترام الحق في الحياة ضرورة وجودية لأي نظام يسعى إلى الشرعية والاستقرار. لذا على الحكومة المصرية اتخاذ خطوات جادة وفورية تشمل:
1. التحقيق في جميع حالات القتل خارج القانون وإحالة المسؤولين إلى القضاء المستقل.
2. تحسين ظروف الاحتجاز وضمان الرقابة المستقلة على السجون.
3. وقف تنفيذ أحكام الإعدام مؤقتًا إلى حين ضمان المحاكمات العادلة.
4. الالتزام بالمواثيق الدولية والتعاون مع الهيئات الحقوقية.
الحق في الحياة هو حجر الأساس لجميع الحقوق الأخرى وحمايته واجب لا يتنازل عنه.
تعرّف على واقع انتهاك الحق في الحياة في مصر وأثر عقوبة الإعدام في ظل الممارسات الأمنية والالتزامات القانونية.
أترك تعليقًا
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مميزة بعلامة *